في نهاية الموسم الثاني، علمنا أن تشيرشل محافظ لندن يريد أن يعمل مع توماس شيلبي! ومن الحلقة الأولى بالموسم الثالث علمنا أن تشيرشل يريد من البيكي بلايندرز دعم العائلة الملكية الروسية بالأسلحة، حتى يقضوا على البلاشفة الشيوعيين، وهذا ما أرادته الحكومة البريطانية سرًا. ونجح المسلسل في إدخالنا لتلك الفترة الزمنية.
لكن السيناريو تعمّق وأصبح أكبر من هذا بكثير مع تدخّل مجموعة غامضة تسمّى "الاتحاد الاقتصادي" أو كما يسمّيهم تومي "القسم D"
وكان من يمثّل القسم D والذي يشكل جسر تواصل بينهم وبين البيكي بلايندرز القسيس جون هيوز وقام بشخصيته الممثل الرائع بادي كونسيداين بشكل مميز ومرعب، رغم ان دوافع الشخصية ودوافع القسم D لم تكن كافية.
لكن مع توسع القصة ظهرت ثغرات كتابية للأسف، أهمها هو لماذا اتفقت العائلة الملكية الروسية مع القسم D رغم أن الحكومة البريطانية متفقة معهم وتدعمهم وتريد إعطائهم السلاح؟
امتاز الموسم بكثرة الالتواءات المثيرة للحبكة، فاتّضح أن هدف القسم D ليس إعطاء السلاح للعائلة الملكية رغم أن هذا مايخبرونه بهم، بل جعل الحكومة البريطانية تلغي علاقاتها الدبلوماسية ودعمها علنًا بالسوڤييت عن طريق جعلهم يرتكبوا أعمال عنف بالأراضي البريطانية.
أما مع ظهور توم هاردي، فشاهدنا احداث في قمة الاثارة، تومي يخطط لسرقة مجوهرات العائلة الملكية الروسية لأنه يخشى أنهم لن يعطوه المال مقابل الدبابات التي سيعطيهم إياها.
فيقوم باستدعاء آلفي سولومونز حتى يقدّر مجوهرات الروس ويختار كمية تبلغ قيمتها ٧٠،٠٠٠ ! السؤال هنا لمٓ اختار تومي اليهودي آلفي الذي يعلم مسبقًا أنه مخادع؟ لمٓ لم يطلب آلفي بعضًا من المجوهرات في مقابل أن يقدم خدماته لتومي؟ طبعًا آلفي بعدها خان تومي وأخبر القسم D عن سرقة المجوهرات لأنه يريد جزئًا منها!
تومي عهدناهُ ذكيًا فلمٓ لم يكن يعلم بأن آلفي سيخونه؟ لمٓ لم يعرض عليه مقابلاً من المال حتى يضمن أنه لن يخونه؟ شككتُ في البداية أن تومي تعمّد دعوة آلفي وإخباره بكل شيء حتّى يخونه ويخبر القسم D؟ لكن لمٓ قد يفعل ذلك تومي؟
ومن مشهد مقابلتهم الرائع في الحلقة الأخيرة تأكدت من أن تومي لم يكن يعلم بأن آلفي سوف يخونه! وانتهى لقاءهم بعد أن أعطى آلفي خطابًا رائعًا لتومي جعله يعي مدى سوء وشرّ شخصيته التي لم تُدرك مدى شرّها إلا في هذه اللحظة العصيبة، سيناريو جميل.
للإضافة للقصة الرئيسية التي تخصّ العائلة الملكية الروسية، شمِل الموسم قصة العصابة الإيطالية التي بدأ جون الخلاف معها عبر تهديدهم بقتل ابن زعيمهم، وبعد ذلك قام بفقأ عينه! كنا نعتقد أن اللحظة التي يعلم توماس بما فعلهُ جون سوف يكون غاضب جدًا من تهديد العصابة التي دخل معها في حالة سلام.
لكن وفي واحدٍ من أجمل مشاهد الموسم، تومي يفاجئ الجميع بردة فعله تجاه ماعملهُ جون، بدلاً من أن يوبّخه على خرقه للسلام مع العصابة الإيطالية، سانده وشجّعه وأمره بفعل المزيد!
"إذًا يجب أن تعتذر بالإنجليزية أو الإيطالية؟ أو نسألهم أي لغة لعينة يفضلون؟ إن الطريقة الوحيدة لضمان السلام هي بجعل احتمال الحرب يبدو ميؤوسًا منه. إن اعتذرت سوف تفعلها مجددًا ومجددًا، كأنك تأخذ الطوب من جدار بيتك اللعين! إن كنت لطيفًا مع التمرّد.. سوف يكبُر"
لكن كانت نتيجة شنّ الحرب على العصابة الإيطالية هي موت زوجة تومي غرايس في أكثر الأحداث صدمةً بتاريخ المسلسل، غرايس التي وقع في حبّها تومي من أول ماشاهدها وهي تغنّي في الحانة، واستمر في حبها حتى عندما علم بأنها جاسوسة.
في بداية الموسم كنت أتسائل ماذا سيُضيف سيناريو عائلة تومي للمسلسل؟ ما فائدة وجود زوجة وابن قرب زعيم عصابات طموح؟ لكن النتيجة كانت رائعة ومذهلة.
رأينا تومي لأول مرة يفقد الشيئين الذان جعلا منه شخصية رائعة، رأيناه يفقد عقلهُ وهدوئه ويتحول لمجرد "وحش" عندما واجهٓ زعيم العصابة الإيطالية رغبةً في الانتقام منه لتسبّبه في قتل غرايس! ولولا تدخل آرثر بقتله الإيطالي دون تعذيب لتغيرت شخصية تومي تمامًا!
وأيضًا رأيناه يفجر الدبابات التي كان ينوي إعطاءها للعائلة الملكية الروسية مما يتسبب في موت ٦ أشخاص. ويساعد أصدقائه في حفر النفق بنفسه وكل ذلك من أجل ابنه تشارلي.
وشاهدناهُ في أسوأ حالاته على الإطلاق، يمشي بجمجمة مكسورة ونزيف داخلي ويقابل الروس ثم السوڤييت حتى ينقذ عائلته، حتى أنه وصل إلى أعتاب الموت، في لقطة عظيمة عندما نظرٓ إلى الكاميرا وقال "لم أعُد أرى شيئًا، إلا أنت يا أبي.. إنني أراك".
ويُذكر أن هذه الحلقة "الرابعة" شهدت أعظم لكيليان ميرفي باتفاق الكثير!
وشاهدنا لأول مرة يشكك في عائلته ويُهينهم بعدما علِم أن أحدًا اخبر القسم D بمخططاته!
لذلك هذا الموسم هو الأعظم بالنسبة لشخصية تومي، وشهد تحوّلات وتطوّرات كبيرة بالنسبة لتومي.
وبعدما اكتشفٓ تومي أن آلفي هو الذي سرّب مخططاته للقسم D ، وبعد خطاب آلفي له وإدراكه لشخصيته ومدى يأسه، قدم خطابًا واقعيًا عظيمًا لعائلته بنهاية الموسم، عائلته التي تم سجنها بسبب خيانته القسم D.
"هذا أنا، وهذا كل ما أستطيع منحكم إياه مقابل كل ما منحتموني"
وعلى ذكر الواقعيّة واليأس، فلقد طرح المسلسل في موسمه الثالث عدة قصص عظيمة ليوصل لنا مدى سوء هذا العالم الإجرامي التي تعيش فيه شخصيات المسلسل، وأنه حتى وإن حاولت تركه، لن تستطيع وستلاحقك آثاره. واتضحت هذه الرسائل في عدة قصص منها:
علاقة بولي والرسام، كانت جميلة في بدايتها، لكن تساءلت ماذا ستُضيف للمسلسل ولبولي؟ لكنها أدّت إلى سيناريو رائع بالحلقة الأخيرة. فبعدما أهانها تومي وجعلها تشك بعلاقة الرسّام بها وأنه جاسوس وخائن مما قاد بولي لمواجهته بالسلاح! رغم عفويّته وحسن نيته الواضحة، لكن بولي والعالم المُظلم الذي حولها لن يمكنّها من خوض أي علاقة مع أي شخص بسلام. وتستحق الممثلة هيلين مكروري الاحترام والتقدير على أداءها الرائع لشخصية بولي.
وبالحديث عن بولي، فقد كان ابنها مايكل رائعًا بالموسم، تم تجاهله بداية الموسم لتعدد القصص وامتلاء السيناريو، وتم اختصار بناء شخصيته في مشهدين او ثلاثة، وبشكل عبقري! فمشهدُ قتله للقسيس لم يكن مشهدًا عاديًا، فلقد كان بامكانه استدعاء رجاله ليقتلوه لكن فضل ان يقتله بنفسه، ثم واجهه القسيس وكان على وشك ان يقتله، واخيرًا قتله مايكل بعدما نحر عنقه! مشهد واحد كفيل جدًا بتغيير شخصية مايكل ١٨٠ درجة!
تأثر آرثر بزوجته، بعدما تزوّج بكاثوليكيّة متديّنة، تدعوهُ إلى ترك هذه الأعمال الشيطانيّة، وعيش حياتهِ في طمأنينة وسلام. كان آرثر عازمًا على فعل ماترغبه زوجته والبعد عن الإجرام، لكن تركُ هذا العالم ليس سهلاً! فشاهدناهُ يفجر ويقتل وانتهى به المطاف مسجونًا.
أمر تومي لآرثر وجون بقتلهِم زوجة زعيم العصابة الإيطالية، والتي اكتشفنا أنها معلمتهم في المرحلة الابتدائية!
ليزي وإجبارها على ترك من تُحب لأنه ينتمي لعائلة معادية للبيكي بلايندرز.
ختامًا، مع توسّع السيناريو وتعمقه بالسياسة كانت هناك ثغرات كتابية وسيناريوهات غامضة ومعقدة وسيناريوهات لم يتم توضيحها، لكنها لم تؤثر على متعة المشاهدة، أبرزها؛ متى اتفق تومي مع الدوقة تاتيانا حتى يسرق من أجلها المجوهرات حتى تعطيه المال؟ ومن هم المشترين الباريسيين الذين أخبرته عنهم؟ وغيرها..
على العموم فينالي المسلسل كان عظيمًا، القسم D قام باعتقال عائلة تومي الذي أخبرهم أنه اتفق مع أناسٍ اقوى من القسم D حتى يساعدوه.
تقييمي للموسم الثالث | 8.5
كتب هذه المراجعة: @iAhmedACM
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق